في خطوة تهدف إلى تحفيز الصناعة الوطنية وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، أعلنت وزارة التجارة والصناعة، بالتعاون مع وزارة المالية، عن إطلاق المرحلة الأولى من مبادرة تمويل القطاعات الصناعية ذات الأولوية، بقيمة تصل إلى 30 مليار جنيه كحزمة تسهيلات تمويلية بفائدة مخفضة تبلغ 15% سنويًا، تمتد لمدة خمس سنوات.
المبادرة تستهدف تمويل شراء الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج، في إطار خطة الدولة لتهيئة مناخ استثماري أكثر جاذبية، وتوسيع القاعدة الصناعية بما يواكب المستهدفات التنموية، وتوفير الحوافز اللازمة لدفع عجلة الإنتاج.
جاء هذا الإعلان عقب اجتماع المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية، الذي ترأسه الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل، والذي يلعب دورًا حاسمًا في التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية لتوفير بيئة استثمارية داعمة، خصوصًا فيما يتعلق بربط المناطق الصناعية بالموانئ، وتسهيل الإجراءات الجمركية، وتطوير البنية التحتية اللوجستية.
البرنامج التمويلي يركز على سبعة قطاعات صناعية تعتبر محورية للاقتصاد المصري، هي:
-
الأدوية ومستحضرات التجميل
-
الصناعات الهندسية والطاقة الجديدة
-
الصناعات الغذائية
-
الملابس الجاهزة والغزل والنسيج
-
الصناعات الكيماوية
-
قطاع التعدين
-
مواد البناء
وتم تحديد عدد من الشروط الفنية والإدارية للمشاركة، أبرزها تقديم ما يثبت الجاهزية الإنشائية وخطط التشغيل والإنتاج، مع تعهد الحكومة بسرعة البت في الطلبات المقدمة خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين، من خلال الهيئة العامة للتنمية الصناعية.
واحدة من أبرز مميزات المبادرة أن وزارة المالية تتحمل الفارق بين الفائدة السوقية والفائدة المدعومة، مما يخفف الأعباء التمويلية عن المستثمرين. كما تم إدراج خفض إضافي بنسبة 2% في الفائدة للمشروعات التي ترفع القيمة المضافة المحلية أو تلك التي تنتمي لقطاعات صناعية غير تقليدية، لم تكن موجودة في السوق المحلي من قبل.
وضعت الحكومة خطة واضحة لإعطاء الأولوية للمناطق الأكثر احتياجًا للتنمية، بهدف توزيع الاستثمارات بشكل أكثر عدالة وتحقيق التوازن الجغرافي في النمو الصناعي. كما تم تصميم المبادرة بحيث تتناسب حدود التمويل الممنوح مع حجم أعمال كل شركة، لضمان استفادة أوسع، ومنع تركز الدعم لدى الشركات الكبرى فقط.
تعتمد المبادرة على مؤشرات أداء سنوية لقياس فاعلية التمويل وتأثيره على زيادة معدلات التشغيل، حجم الإنتاج، ونمو الصادرات. وتهدف الخطة الأوسع إلى زيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي، وتقليل الاعتماد على الواردات في عدد من القطاعات الاستراتيجية.
ويأتي هذا التوجه في وقت تعمل فيه الحكومة على تعزيز قدرة القطاع الصناعي المصري على المنافسة إقليميًا ودوليًا، من خلال دعم مدخلات الإنتاج وتحديث التكنولوجيا المستخدمة، ودمج مفاهيم الاستدامة والتحول الأخضر في مراحل التصنيع.
الجدير بالذكر أن هذه الحزمة التمويلية تأتي في أعقاب عدة إجراءات إصلاحية على مستوى السياسة النقدية والمالية، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة، وتحرير سعر الصرف، وهو ما يشير إلى وجود تكامل واضح بين السياسات الاقتصادية لدعم الاستثمار والإنتاج المحلي.
مراقبون يرون أن هذه المبادرة تمثل نقلة نوعية في أسلوب تعامل الدولة مع ملف الصناعة، حيث تتحول من الدعم غير المباشر إلى ضخ تمويل موجه ومحدد الأهداف. كما أنها تعكس توجهًا جديدًا نحو توجيه التمويل العام لخدمة الاقتصاد الحقيقي، وليس فقط الاستهلاك أو سداد الالتزامات.
الحكومة من جانبها تسعى لتحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص استثمارية، مع تزايد الاهتمام بدور القطاع الخاص، الذي يُنتظر أن يكون المحرك الأساسي للنمو خلال السنوات المقبلة، لا سيما في ظل ما أعلنته القيادة السياسية عن ضرورة تمكين المستثمرين ومنحهم فرصًا متكافئة.
مراقبة تطبيق المبادرة وتقييم نتائجها ستكون من المهام الأساسية للجنة فنية مشتركة تضم وزارتي الصناعة والمالية، إضافة إلى البنك المركزي والقطاع المصرفي، لضمان الشفافية وتوجيه الموارد بشكل رشيد.
هذا التوجه نحو دعم الصناعة المحلية لم يأت من فراغ، بل يرتكز على قناعة متزايدة بأن القيمة الحقيقية لأي اقتصاد لا تُقاس بحجم الاستهلاك فقط، بل بقدرة الدولة على الإنتاج والتصدير، وخلق فرص العمل المستدامة.
ويبدو أن مصر، في هذه المرحلة، تتجه بشكل أكثر وضوحًا نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من الصناعات الحيوية، وتقليل فاتورة الواردات، بما يخفف الضغوط على ميزان المدفوعات، ويعزز من قيمة الجنيه المصري على المدى المتوسط.
في ظل هذا التحرك الحكومي الواسع، تبقى الأنظار متجهة إلى سرعة التنفيذ على أرض الواقع، ومدى استجابة القطاع الخاص للمبادرة، ونجاحها في خلق حالة من الثقة المتبادلة بين الدولة والمستثمرين، وهو ما سيحسم مدى استمرارية هذا التوجه خلال السنوات المقبلة.
يقدم موقع تمويل تغطية شاملة ومحدثة على مدار الساعة لأهم الأخبار الاقتصادية، مع متابعة دقيقة لقطاع البنوك، وتحليل شامل لحركة البورصة والأسواق المحلية والعالمية، بالإضافة إلى تقارير متخصصة حول التأمين والأسواق العربية والعالمية.
كما نسلط الضوء على أحدث تطورات البترول والطاقة وتأثيرها على الأسواق، إلى جانب متابعة دقيقة لقطاعات السياحة والطيران، الاتصالات والتكنولوجيا، وصناع مصر.
نهتم أيضًا بأسواق السيارات، وقطاع العقارات، بالإضافة إلى رصد المستجدات في الزراعة. ولعشاق التنوع، نقدم محتوى متجددًا في قسم منوعات. تابع موقع تمويل للبقاء على اطلاع دائم بأحدث أخبار الاقتصاد والمال والأعمال.