الرئيسيةاخبارمصر وما بعد برنامج صندوق النقد الدولي: هل آن أوان الاستقلال الاقتصادي الكامل؟
اخبار

مصر وما بعد برنامج صندوق النقد الدولي: هل آن أوان الاستقلال الاقتصادي الكامل؟

مع اقتراب نهاية برنامج الإصلاح الاقتصادي الحالي المدعوم من صندوق النقد الدولي والمقرر اختتامه في نوفمبر 2026، تتصاعد النقاشات بين خبراء الاقتصاد وصناع القرار حول مستقبل السياسات الاقتصادية في البلاد، وما إذا كانت مصر بحاجة إلى التوجه لبرنامج جديد، أم أن الوقت قد حان للاعتماد الكامل على نموذج تنموي وطني مستدام.

سيناريوهات متعددة لما بعد 2026

تتعدد وجهات النظر حول ما يجب فعله بعد انتهاء البرنامج الحالي. يرى البعض أن الاعتماد على برامج خارجية لم يعد مستدامًا، وأن المطلوب الآن هو بناء نموذج اقتصادي محلي أكثر مرونة وعدالة، يرتكز على الاستثمار في الإنسان والموارد المحلية، وتعزيز التصدير والادخار والتكنولوجيا، وإتاحة فرص متكافئة لجميع المواطنين.

في المقابل، هناك من يرى أن المطلوب ليس وثائق جديدة أو مؤتمرات اقتصادية إضافية، بل قرار سياسي واضح يحدد هوية الاقتصاد المصري، ودور كل من الدولة والقطاع الخاص، ويعالج جذور التشوهات الهيكلية المتراكمة منذ عقود.

أما على الجانب الرسمي، فتؤكد الحكومة أن لديها خطة اقتصادية متكاملة مدعومة بوثائق استراتيجية، وبرنامج إصلاح فعّال يتم تنفيذه تدريجيًا، وسط إشادات من مؤسسات مالية دولية بأداء الاقتصاد.

الاقتصاد المصري بين الواقع والطموح

في هذا السياق، أشار الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي ممثلًا للمجموعة العربية ودول المالديف، إلى أن مصر قد لا تحتاج إلى برنامج جديد مع الصندوق بعد عام 2026، شريطة الالتزام الكامل بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المقررة.

وأوضح أن الاقتصاد المصري يمتلك من القدرات والموارد ما يمكنه من الاعتماد على ذاته، خاصة في ظل تحسن مؤشرات عدة كالنمو والتشغيل وزيادة الاستثمارات، مشيرًا إلى ضرورة إعادة تقييم رؤية 2030 لتصبح أكثر واقعية وشمولًا، بما يضمن استدامة التنمية ويعزز العدالة الاجتماعية.

وأكد أن الإصلاحات يجب أن لا تقتصر على الجوانب المالية والنقدية، بل تشمل التحول نحو اقتصاد إنتاجي تنافسي يحقق معدلات نمو مرتفعة ومستقرة، ويوفر ما لا يقل عن مليون فرصة عمل سنويًا.

الإصلاحات السابقة ومسار التعامل مع الصندوق

منذ إطلاق أول برنامج إصلاح اقتصادي مدعوم من الصندوق في 2016 بقيمة 12 مليار دولار، حققت مصر تقدمًا ملحوظًا في مؤشرات الاقتصاد الكلي، أبرزها استقرار سعر الصرف، انخفاض التضخم، وارتفاع الاحتياطيات الأجنبية.

وفي ظل جائحة كورونا، لجأت الحكومة إلى أدوات تمويل إضافية من الصندوق، تلاها اتفاق جديد في عام 2022، ما رفع إجمالي التمويلات إلى نحو 20 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة.

غير أن التحديات العالمية كالحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع إيرادات قناة السويس شكلت ضغوطًا غير متوقعة على الاقتصاد، ما استدعى التكيف مع واقع اقتصادي عالمي متقلب.

المستقبل: بين التخارج الطوعي والاعتماد على الذات

من وجهة نظر المؤسسات الدولية، فإن استمرار الدول في الاعتماد المتكرر على برامج الصندوق قد يثير تساؤلات حول جدوى إصلاحاتها، وهو ما يدفع الصندوق لتشجيع الدول على الاكتفاء ببرنامج واحد شامل، يعقبه خروج مستدام من الاعتماد على التمويل الخارجي.

لذلك، يرى خبراء أن الأولوية في المرحلة المقبلة يجب أن تكون لإعداد برنامج وطني شامل للإصلاح، يتسم بالوضوح والتنفيذ الصارم، ويتضمن أهدافًا محددة ومصادر تمويل واضحة، دون الحاجة إلى العودة مجددًا لطلب الدعم من المؤسسات الدولية.

توصيات للمستقبل

دعا الدكتور معيط إلى تشكيل لجنة وطنية رفيعة المستوى لوضع برنامج شامل للتنمية الاقتصادية المستدامة، يأخذ بعين الاعتبار ما تحقق خلال السنوات الماضية، ويعالج التحديات الراهنة، ويحدد بدقة أولويات القطاعات المختلفة.

ويرى أن النجاح في بناء هذا النموذج الوطني يتطلب التزامًا حقيقيًا من كافة أجهزة الدولة، وتحقيق إصلاحات حقيقية، لا سيما في السياسات الهيكلية، وتحقيق الانضباط المالي والنقدي، وضبط سوق الصرف، وتحفيز الإنتاج والتصدير.

خاتمة

بين الرؤى المختلفة، يبقى القاسم المشترك هو الإقرار بقدرة الاقتصاد المصري على تحقيق الاستقرار والنمو من الداخل. ومع اقتراب نهاية برنامج صندوق النقد الدولي، تظل الفرصة سانحة أمام صناع القرار لصياغة مسار تنموي مستقل، لا يُبنى فقط على الاستدانة أو التكيف مع الأزمات، بل على الاستثمار في المستقبل، والاعتماد على الذات.

يقدم موقع تمويل تغطية شاملة ومحدثة على مدار الساعة لأهم الأخبار الاقتصادية، مع متابعة دقيقة لقطاع البنوك، وتحليل شامل لحركة البورصة والأسواق المحلية والعالمية، بالإضافة إلى تقارير متخصصة حول التأمين والأسواق العربية والعالمية.

كما نسلط الضوء على أحدث تطورات البترول والطاقة وتأثيرها على الأسواق، إلى جانب متابعة دقيقة لقطاعات السياحة والطيران، الاتصالات والتكنولوجيا، وصناع مصر.
نهتم أيضًا بأسواق السيارات، وقطاع العقارات، بالإضافة إلى رصد المستجدات في الزراعة. ولعشاق التنوع، نقدم محتوى متجددًا في قسم منوعات. تابع موقع تمويل للبقاء على اطلاع دائم بأحدث أخبار الاقتصاد والمال والأعمال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *