
في تراثنا الشعبي، قيل: “الصيف حصرته واسعة”، وهذا المثل البسيط يحمل في طياته فلسفة عميقة عن الحياة، والعمل، واستثمار الوقت. فصل الصيف ليس مجرد مرحلة مناخية تمر علينا، بل هو موسم من مواسم البركة، والسعي، والهمة، لو أحسنّا قراءته والتعامل معه.
النهار في الصيف طويل، تبدأ شمسه مبكرًا، وتغيب متأخرة، وكأن الزمن يتسع، ليمنح الإنسان فرصة إضافية لتحقيق ما يريد. في يوم واحد، يمكنك أن تنهي مشوارين أو ثلاثة، تزور مصلحة حكومية، تُنجز شغل، تتابع مشروع، وتعود لتبدأ من جديد. وهذه نعمة كبيرة لا نجدها بنفس القوة في فصول أخرى، خصوصًا الشتاء.
بعكس الشتاء، حيث يشتد البرد، ويثقل الجسد، ويستسلم كثيرون للكسل، نجد الصيف يدفعنا للحركة. صحيح أن حرارته قد تكون مرهقة أحيانًا، لكن فيها بركة من نوع خاص. حرارة الجو تجعلنا نتوضأ أكثر، نصلي أكثر، ونشعر بالحاجة الدائمة للطهارة والانتعاش. الوضوء المتكرر لا ينعش الجسد فقط، بل ينعش الروح، ويجعلنا أكثر قربًا من ربنا.
أما عن الصلاة، فهي في الصيف أكثر انتظامًا، لأن الليالي قصيرة، والناس تكون أكثر يقظة. صلاة الفجر مثلاً، يسهل الاستيقاظ لها، لأن الفجر يأتي في وقت مبكر، بينما في الشتاء يتأخر ويكون الجو باردًا، ما يسبب خمولًا وتقاعسًا لدى البعض.
حتى في طقوس الحياة اليومية، تجد أن الصيف يشجع على العمل، والمشي، والتنقل، واللقاء، والتواصل. هو فصل يفتح لك الأبواب، ويمنحك الوقت والطاقة كي تسعى وتبذل، والرزق دائمًا في السعي. يقول الله تعالى: “فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه”، والصيف هو المناخ المثالي للمشي في المناكب والسعي للرزق.
ولأن “الصيف حصرته واسعة”، فإن المجتهد فيه يستطيع أن يفرش طموحاته كلها، ويبدأ خطواته الأولى نحو تحقيقها. لا قيود زمنية ولا أجواء مثبطة، فقط عزيمة وقلب يريد.
فلنجعل من الصيف موسمًا للانطلاق، وليس للشكوى. موسمًا للعمل والعبادة والسعي، لا للملل والتذمر من الحر. لأن من نظر إليه بعين الإيجابية، سيجده بابًا من أبواب الرزق والفرج.
فلا تضيّع وسع الحصيرة، ولا تضيّع الوقت الذي أعطاك إياه الله في هذا الفصل. استثمره، واعرف أن “في الصيف، البركة في النهار، والرزق لمن سعى.”
يقدّم تمويل | Tamwiel تغطية اقتصادية شاملة ومحدثة على مدار الساعة، تشمل أحدث اخبار وتحليلات اقتصاد محلي وعالمي. نتابع تطورات بنوك وتأمين وحركة بورصة و اسواق المال، مع تقارير متخصصة حول بترول وطاقة وتأثيرها في الاقتصاد. كما نغطي مستجدات تعليم و تكنولوجيا و رياضة من منظور اقتصادي، إلى جانب متابعة دقيقة لقطاعات زراعة، سياحة وطيران، سيارات، صناعة، و عقارات. لمحبي التفاعل البصري، نقدم محتوى مميزًا في فيديوهات و إنفوجراف، بالإضافة إلى مقالات خفيفة في منوعات. تابع تمويل لتبقى على اطلاع دائم بأحدث أخبار المال والأعمال.


